ذراع اصطناعية تُحرك أصابعها بإشارات من الدماغ مباشرة
بدأت فكرة الأطراف الصناعية بعد الحرب العالمية الثانية وكانت ألمانيا من أوائل الدول التي بدأت بفكرة تصنيع هذه الأطراف. وكانت مادة الخشب أول مادة أولية استخدمت وكانت تحفر جذوع الأشجار ويفرغ محتواها بأشكال هندسية أنبوبية أو مربعة ومن ثم بدأت فكرة الطرف المتحرك ذات المفصل حيث تمكن المصاب من عطف وبسط الطرف العلوي أو السفلي ( مفصل حوض ـ ركبة ـ عنق القدم ــ معصم ــ مرفق ) بشكل جزئي حتى منتصف السبعينات حيث قامت البلدان الصناعية بتطوير هذه الفكرة وهذه الصناعة حيث حلتّ مادة البلاستيك ( Orthocryl ) بدلاّ من المادة الخشبية لخفّة الوزن وسهولة التصنيع , وعندها بدأت صناعة الأطراف تتطوّر بشكل فعّال من حيث الشكل ومن حيث الميكانيكية .
يقول الباحثون أن هذا التقدم في تكنولوجيا الأطراف الصناعية سيعيد وظائف اليد الحساسة للأشخاص الذين فقدوا أذرعهم بسبب الإصابة أو المرض. في البداية، أجروا التجربة الأولى على شاب لم يكن فاقداً لأيٍ من ذراعيه أو يديه. تم تركيب الجهاز عليه، الأمر الذي أتاح له الاستفادة من إجراء رسم الدماغ لتجاوز سيطرته على ذراعه ويده.
ويقول المؤلف الأول للبحث ناثان كرون، الطبيب وأستاذ علم الأعصاب في كلية الطب في جامعة جونز هوبكنز، “نحن نعتقد أن هذه هي المرة الأولى التي يبرهن فيها أن شخص يمكنه أن يحرك الأصابع بشكل فردي في الطرف الصناعي بالعقل دون تدريب مكثف. هذه التقنية تتجاوز الأطراف الصطناعية المتاحة، والتي فيها الأصابع الصناعية، تتحرك كوحدة واحدة لتقوم بحركة المسك، مثل تلك المستخدمة في مسك كرة التنس.
في التجربة التالية، طلب الفريق من شاب مصاب بالصرع تجربة الجهاز.
تم زرع أقطاب كهربائية جراحياً في المريض بحيث تسجل نشاط الدماغ. هذه الإشارات أيضاً تتحكم في الطرف الصناعي.
في نهاية المطاف، كان على الباحثين أولاً معرفة أجزاء الدماغ المسؤولة عن تحريك كل إصبع من أصابع المريض. وحددوا هذه الإشارات بحيث يمكن برمجة الأطراف الصناعية لتحريك أصابعها.
وضعت مجموعة من 128 قطب استشعار بواسطة جراح أعصاب على المريض. وضعت هذه المستشعرات على طبقة مستطيلة واحدة يبلغ حجمها نفس حجم بطاقة الائتمان العادية. وضع جراح الأعصاب هذه المستشعرات على جزء من الدماغ مسؤول عن حركات اليد والذراع. كل مستشعر يقيس دائرة من أنسجة الدماغ قطرها ملليمتر واحد.
بعد أن يتم وضع أجهزة الاستشعار في مكانها، يبدأ برنامج الكمبيوتر بالعمل. يطلب من المريض تحريك أصابعه، ويسجل أي أجزاء من الدماغ “أضاءت” عندما تكتشف أجهزة الاستشعار إشارة كهربائية.
قاسوا أيضاً نشاط الدماغ الكهربائي الذي يشارك في الإحساس باللمس. من أجل تحقيق هذا الهدف، تم تجهيزه المريض بقفازات مزودة بطنانات صغيرة في طرف كل إصبع. بعد ذلك قاموا بقياس النشاط الكهربائي في الدماغ الناتج عن اتصال كل إصبع.
الخطوة التالية كانت برمجة أطرافهم الاصطناعية لتحريك أصابعها على أساس أي جزء من الدماغ كان نشطاً. بعد تشغيل الأطراف، يطلب من المريض “التفكير” في تحريك كل إصبع على حدة. النشاط الكهربائي الذي تم جمعه من الدماغ يمكنهم من تحريك أصابعهم.
ويقول جاي هوتسون، طالب الدراسات العليا والمؤلف الرئيسي للبحث، “الأقطاب المستخدمة لقياس نشاط المخ في هذه الدراسة قدمت لنا تباين أفضل لمنطقة كبيرة من القشرة الدماغية من أي طريقة أخرى استخدمت سابقاً، مما سمح لنا بتعيين مكاني أكثر دقة في الدماغ. هذه الدقة هي ما سمح لنا بفصل التحكم بكل إصبع على حدة”.
النتائج لم تكن 100٪ في المحاولة الأولى. في البداية، كان الطرف دقيق بنسبة 76٪ فقط. زادت الدقة إلى 88٪ عندما أقرن الباحثون إصبعي الخنصر والبنصر معاً.
ويقول كرون، “تتداخل أجزاء الدماغ المتحكمة في الخنصر والبنصر، ومعظم الناس يحركون الإصبعين معاً. فمن المنطقي أن إقتران هذين الإصبعين معاً يحسّن الدقة”.
استغرقت التجربة بأكملها أقل من ساعتين، وأشاروا إلى أنهم لم يقوموا بأي تدريب للمشاركين قبل إجراء التجربة.
وصرح كرون، على الرغم من أن هذه التجربة أظهرت إمكانات كبيرة، إلا إنه يعترف بأن تطبيق هذه التكنولوجيا للأشخاص الذين يحتاجونها لا يزال في المستقبل البعيد. وسيتطلب تعيين مكاني بشكل أوسع، برمجة وسيكون مكلفاً جداً.
مع ذلك، وفقاً لائتلاف مبتوري الأطراف، أكثر من مئة ألف شخص في الولايات المتحدة لديهم يد أو ذراع مبتور. لذلك نأمل، في الوقت المناسب، أن تساعدهم هذه التكنولوجيا.