علماء الفلك يراقبون السُحب حول “النجوم الفاشلة”
لطالما مثلت هذه الأجرام السماوية تحدياً كبيراً للعلماء، فعندما يرصد علماء الفلك جسمًا ما في الفضاء ويكون من هذه الفئة، فإنهم يواجهون الكثير من المشاكل قبل أن يتأكدوا تماماً من عدم كونه كوكباً، أو حتى نجم.
في بعض الأحيان، لا تقوم الانهيارات بتحويل سحب الغاز والغبار إلى نجوم، بل تنتج أجسام في هذه الحالة تعرف بالأقزام البُنية (Brown dwarfs)، وهي أجسام تمتلك العديد من العناصر التي تجعلها مشابهة لشقيقاتها الأكثر شهرة “النجوم”، لكنها تفتقد إلى الكتلة الكافية لإشعال عملية الاندماج النووي (Nuclear fusion) في مراكزها.
وبسبب فشلها كلياً في تكوين أي اندماج نووي في مراكزها، يُشير إليها العلماء في بعض الأحيان بـ النجوم الفاشلة (Failed stars).
اتضح أن التقلبات في سطوع الأقزام البُنية يحدث بسبب الرياح العاتية واضطرابات حركة الحديد والسُحب، تلك الكُرات المتوهجة بتفاوت التي تدوي في المجرة والمعروفة باسم الأقزام البُنية، تُوجد ضمن مجال متنوع من درجات الحرارة والكتل -حيث تتغير كتلتها ضمن مجال يتراوح من 13 إلى 90 ضعف كتلة المشتري، أي حوالي عُشر كتلة الشمس– تحاصرها أجواء تكتنفها الرياح القوية ومجموعات مضطربة من السُحب، وفقاً لما ورد في بعض الأبحاث الجديدة.
لقد كانت هذه الأجسام في الأساس نظرية، وغير مرئية حتى وقتٍ متأخر من ثمانينيات القرن الماضي، ومع نمو قدرة الأجهزة الفلكية وزيادة حساسيتها، اكتُشف المزيد من الأقزام البُنية، لكنها لا زالت تُشكل تحدياً إلى الآن، فقد دُهش علماء الفلك مما لاحظوه -باستخدام الأشعة تحت الحمراء، لأنها الأكثر إفادة لمراقبة هذه الأجسام الباردة نسبياً- فقد لاحظوا أنها يمكن أن تكبر بسرعة وتصبح أكثر إشراقاً وأكثر قتامةً.
بحث جديد من (دانيال آباي Daniel Apai) وزملاؤه بجامعة أريزونا، نُشر على موقع Science، يتضمن مراقبة ستة أقزام بُنية، بمرور الوقت عُرفت بالتغير في درجة سطوعها. استخدم الباحثون تلسكوب الفضاء Spitzer والأشعة تحت الحمراء بالمدارات الفضائية التابعة لوكالة ناسا، لجمع البيانات على مدى عدة فترات من الزمن، والتي تابعت ما يصل إلى 32 دورة لكل نجم بُني بالتناوب. ثم استخدموا الحاسوب الخارق لإجراء نمذجة للموجات التي تسافر عبر الفضاء بهدف الحصول على معلومات حول تقلبات السطوع المتوقعة إذا كان النجم البني لديه مجموعات مضطربة من السُحب، مثل تلك التي شُوهدت على العمالقة الغازية جوبيتر و نبتون، التي تحركت حول الكوكب بسرعات متفاوتة.
وبعد تعديل دالات النموذج، تمكن الباحثون من محاكاة التقلبات الملحوظة للأقزام البُنية الستة، ويُظهر النموذج أن الغيوم المضطربة -يعتقد العلماء أنها تتكون من قطرات من الحديد والغبار- هي السبب الأول في مدى الإشراق و القتامة، لأنها تتباعد وتقترب من بعضها البعض أثناء الحركة.
وأحد الطرق لمعرفة الفرق بين تلك الكواكب والأقزام البنية هو أن الأقزام البنية، كما النجوم، تخلق ضوئها الخاص.
تتوهج الأقزام البنية في المجال الأحمر وتحت الأحمر من الطيف حتى تبرد بشكلٍ كامل، وتُصدر أشعة سينية وضوء تحت أحمر يستطيع العلماء قياسه.
وحتى الآن، لازال الخط الفاصل بين القزم البني البارد والكوكب صغيراً جداً. إذ تبرد بعض الأقزام البُنية إلى درجة كافية للحفاظ على أغلفة جوية بشكلٍ مشابه كثيراً للعمالقة الغازية. وتستطيع الأقزام البنية أن تحتضن كواكباً، بالمقابل فإن العمالقة الغازية تمتلك أقماراً موجودة على مدارات حولها.
إذاً، كيف يُمكننا وبشكلٍ قاطع تأكيد أن جسماً ما يطفو بحرية في الفضاء هو كوكب، أم قزم بني بارد جداً؟ في النهاية، يقوم الاتحاد الدولي لعلم الفلك باعتبار أي جسم كبير إلى حد كافٍ لدمج “الديتريوم” قزماً بُني، أما الأجسام التي تمتلك كتلة أقل من 13 ضعف كتلة المشتري، فتُعتبر كوكباً.