ناسا تضع خطة لإنقاذ الأرض من البركان المُدمر
قد تكون الطريقة الوحيدة لمنع انقراض الجنس البشري هي تهدئة البركان
لا تنخدع بالأجواء الهادئة في منتزه يلوستون الوطني في الولايات المتحدة والسكينة التي تعم المكان، فعلى الرغم من ذلك، توجد حمم بركانية هائلة قد تثور في أي وقت وتهدد البشرية بالانقراض. قد يتسبب البركان في حدوث ظاهرة (العيون الحارة Hot springs)، وقد أثبت علماء الجيولوجيا أن الحرارة تزيد كلما نزلنا في باطن الأرض بواقع 2 سنتيجراد لكل 100 متر وهذا يعني أن المياه الموجودة تحت السطح تسخن ثم ترتفع إلى الأعلى بفعل الضغط وعوامل أخرى وعندما تجد منفذاً للخروج فإنها تخرج على هيئة مياه ساخنة، وقد يتسبب أيضاً في حدوث ما يعرف باسم (النوافير الحارة Geysers)، وهي عبارة عن اندفاع متقطع للعيون الحارة في عمود من الماء المشحون بقوة قذف عالية غالباً ما ترتفع بعد خروجها إلى سطح الأرض في الهواء من 30-60 متر، أي حوالي 100-200 قدم. وبعد تدفقها تنقطع ثم تندفع من جديد بصوت هائل.
بالنسبة للعلماء في ناسا، فإن هذا البركان واحداً من أكبر التهديدات الطبيعية للحضارة الإنسانية، كما يُطلقون عليه اسم: البركان المُدمر.
ويقول (براين ويلكوكس Brian Wilcox) من مختبر الدفع النفاث التابع لوكالة ناسا (JPL) في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، “لقد كنت عضواً في المجلس الاستشاري في مركز تنسيق الدفاع الكوكبي، الذي يدرس طرق ناسا للدفاع عن كوكب الأرض وحمايته من الكويكبات والمذنبات، واستنتجت خلال تلك الدراسة أن “البركان المدمر” يشكل تهديداً أكبر بكثير من تهديد الكويكبات أو المذنبات”
هناك ما يقرب من 20 من البراكين المُدمرة المعروفة علي الأرض، ومتوسط حدوث الانفجارات الهائلة يكون مرة واحدة كل 100,000 سنة. ويُعتقد أن أحد أكبر التهديدات التي قد يسببها الانفجار هو حدوث المجاعة، فقد استخلص العلماء ما يمكن أن يحدث في حال حصل الانفجار البركاني، وبحسب الدراسات فإن ذلك سيؤدي الى شتاء بركاني سينتج عنه مجاعة عالمية، بحيث أن الأرض لن تكون صالحة لانتاج المزروعات والحبوب وغيرها من الأمور، مما يسبب مجاعة عالمية. وفي عام 2012، قدرت الأمم المتحدة أن احتياطيات الأغذية في جميع أنحاء العالم يجب أن تستمر 74 يوماً.
عندما جاء علماء ناسا للنظر في المشكلة، وجدوا أن الحل الأكثر منطقية يكمن في تهدئة “البركان المدمر” من الأسفل. وتتواجد نصف ميزات الطاقة الحرارية الأرضية في العالم في يلوستون ويغذيها النشاط البركاني المستمر وتغطي تدفقات الحمم البركانية والصخور الناتجة من الانفجارات البركانية معظم مساحة يلوستون ويعد المنتزه محور لنظام يلوستون الايكولوجي وهو أكبر نظام ايكولوجي سليم تقريباً متبقي في المنطقة الشمالية المعتدلة من سطح الارض. بركان يلوستون حالياً يُسرب حوالي 60-70٪ من الحرارة القادمة من أسفل إلى الغلاف الجوي، عن طريق المياه التي تتسرب من الحمم البركانية من خلال الشقوق. أما الباقي فإنه يتراكم داخل غرفة الصهارة، مما يُمَكنه من إذابة المزيد والمزيد من المركبات العضوية المتطايرة والصخور المحيطة. وبمجرد وصول هذه الحرارة إلى حد معين، سيكون الإنفجار البركاني أمر لا مفر منه.
استنتجت خلال تلك الدراسة أن “البركان المُدمر” يشكل تهديداً أكبر بكثير من تهديد الكويكبات أو المذنبات. براين ويلكوكس، ناسا.
ولكن إذا كان بالإمكان استخراج المزيد من الحرارة، فإن “البركان المُدمر” لن ينفجر أبداً. وتفيد وكالة ناسا أنه إذا أمكن تحقيق زيادة بنسبة 35٪ في نقل الحرارة من الحمم البركانية، فلن يشكل بركان يلوستون أي تهديدات. السؤال الوحيد هو كيف يمكن فعل هذا؟
وتتمثل إحدى الإمكانيات ببساطة في زيادة نسبة المياه في البركان المدمر. ولكن من منظور عملي، فمن المستحيل إقناع السياسيين بمثل هذه المبادرة.
ويقول ويلكوكس “بناء قناة كبيرة صعوداً إلى منطقة جبلية سيكون أمراً مكلفاً وصعباً، والناس لا يريدون أن تُستهلك المياه علي هذا النحو، الناس فى حاجة ماسة إلى المياه في جميع أنحاء العالم والعديد من مشاريع البنية التحتية. وأن استهلاك المياه في تهدئة البركان المُدمر، سيكون أمراً مثيراً للجدل “
عوضاً عن هذا، وضعت ناسا خطة مختلفة جداً. فيعتقد العلماء أن الحل الأمثل يمكن أن يكون عن طريق حفر ما يصل إلى 10 كيلو متراً أسفل البركان المدمر، وضخ المياه بضغط عالي. وتعود المياه بشكل دوري عند درجة حرارة حوالي 350C )662F) وبالتالي فإن درجة حرارة البركان سوف تنخفض ببطء يوماً بعد يوم. إن مثل هذا المشروع سوف يحتاج إلى تكلفة تقدر بحوالي 3.46 مليار دولار (2.69 جنيه إسترليني) ، والذي من شأنه أن يغري السياسيين بالاستثمار في هذا المشروع.
ويقول ويلكوكس ” إن بركان يلوستون يُسرب حالياً حوالي 6 غيغا واط، ومن خلال الحفر بهذه الطريقة، يمكن أن يستخدم لإنشاء محطة للطاقة الحرارية الأرضية، و يولد الطاقة الكهربائية بأسعار تنافسية للغاية. يجب عليك إعطاء شركات الطاقة الحرارية الأرضية حافزاً للحفر، سيكون ذلك استثمارك الأولي، وبعد ذلك سوف تنتج الكهرباء التي يمكنها أن تعمل على تشغيل المنطقة المحيطة لفترة تصل إلى عشرات الآلاف من السنين. والفائدة على المدى البعيد هي أنك سوف تمنع الإنفجار المستقبلي للبركان وتنقذ البشرية من الهلاك.”
لكن الحفر في البركان المُدمر لن يأتي بدون مخاطر، كأن يثور البركان فجأة وأنت تبذل قصارى جهدك لتهدئته.
يقول ويلكوكس: “إن أهم شيء في ما نقوم به هو عدم التسبب في حدوث أي أضرار. عليك أن تعلم أنك عند الحفر في الجزء العلوي من غرفة الصهارة لمحاولة التبريد من هناك، فإن هذا العمل سوف يكون محفوفاً بالمخاطر بدرجة كبيرة. لأن هذا يمكن أن يجعل غطاء غرفة الصهارة أكثر هشاشة وعرضة للكسر. مما يؤدي إلى إطلاق الغازات المتطايرة الضارة الموجودة في الجزء العلوي من غرفة الصهارة. “
وتجنباً لحدوث هذا، فإن الفكرة هي الحفر في البركان المُدمر من الجوانب السفلية، بدءاً من خارج حدود منتزه يلوستون الوطني، واستخراج الحرارة من الجانب السفلي من غرفة الصهارة. يقول ويلكوكس “بهذه الطريقة سوف تمنع الحرارة القادمة من أسفل من الوصول إلى الجزء العلوي من الغرفة لأنه المكان الذي يشكل تهديداً حقيقاً”
تبريد بركان و يلوستون بهذه الطريقة سيتم بمعدل متر واحد في السنة، سيستغرق الأمر عشرات الآلاف من السنين حتى تصبح الصخور باردة. ولكن قد يكون هذا التفكير والتخطيط على المدى الطويل هو الخيار الوحيد لمنع وقوع الكارثة.