هل سيغير الذكاء الاصطناعي العالم إلى الأفضل أم إلى الأسوأ؟
الذكاء الاصطناعي (AI) هو مفهوم له أثرٌ بالغ في مجال الخيال العلمي، وقد لقي رواجاً كبيراً في أفلام هوليود، واهتم به الكُتاب المبدعين مثل (إسحاق أزيموف – Isaac Asimov). على كل حال، الذكاء الاصطناعي قد حظي أيضاً باهتمام متزايد في السنوات الأخيرة بعد انتشار الأنباء بالتقدم المحرز في هذا المجال وتوفر فرص جديدة مبتكرة وملموسة مثل السيارات ذاتية القيادة. وقد لعب الإنترنت دوراً هاماً في هذه التطورات، لا سيما باعتباره منصة تمكين خدمات الذكاء الاصطناعي – بعضها له تأثيرات بالغة الأهمية في مواصلة تطوير الإنترنت.
ويسُر (جمعية الإنترنت – The Internet Society) أن تصدر وثيقة بحثية عن الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي للمساعدة في اجتياز بعض الفرص والتحديات التي تعرضها التكنولوجيا، ودعم الحوار المستنير عن طريق فك ألغاز بعض من مفاهيمها الأساسية. والجانب الرئيسي هو فهم التعلم الآلي، تحديداً تقنية الذكاء الاصطناعي التي كانت تقود تطوير خوارزميات جديدة للاستعاضة عن عملية اتخاذ القرارات البشرية أو دعمها – وبعضها تم نشره بالفعل على الإنترنت.
فمثلاً، المساعد الشخصي الذكي (أليسكا – Alexa) و (سيري – Siri) يستخدمان التعلم الألى لتفسير الأوامر الصوتية، وتستخدم خوادم البريد الإلكتروني أفضل تقنية لتصفية البريد غير المرغوب فيه، ويستخدمه أيضاً بعض مواقع التجارة الإلكترونية لإضفاء الطابع الشخصي علي تجربة الويب الخاصة بمستخدميه.
ويحتل الذكاء الاصطناعي مركزاً بالغ الأهمية في المناقشات الدولية التي تجري علي شبكة الإنترنت.
على سبيل المثال، مؤخراً فى (دوسلدورف – Dusseldorf)، و كجزء من رئاسة مجموعة الـ20 الألمانية، اجتمع الوزراء المسؤولون عن جدول أعمال التكنولوجيا الرقمية في بلدانهم مع أصحاب المصلحة الآخرين لمناقشة السياسات المتعلقة بالمستقبل الإلكتروني. وكان تأثير التطبيقات التي يحركها الذكاء الاصطناعي، إلى جانب الاستراتيجيات المتعلقة بكيفية الاستفادة من الفرص الهائلة المتاحة للإنترنت لتحقيق الربحية والنمو الاقتصادي، من المراحل المركزية التي تحتل مركز الصدارة.
قدرة الآلات على إظهار المهارات المعرفية المتقدمة لمعالجة اللغة الطبيعية، أو للتعلم ، أو للتخطيط، يُعزز إمكانية القيام بمهام جديدة بواسطة النظم الذكية، والتي قد تكون أحياناً أكثر نجاحاً من البشر أنفسهم. باستخدام الأتمتة القائمة على الذكاء الاصطناعي في الصناعات الحالية، إلى جانب استخدام تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي فى المناطق الناشئة الجديدة، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يعزز الإنتاجية والنمو الاقتصادي إلى حد كبير.
الذكاء الاصطناعي هو التكنولوجيا التي يمكن أن تُغير العالم للأفضل. يمكن أن يجعل الإجراءات الطبية أكثر أماناً، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية وتعزيز الاقتصاد، أو أن يُستخدم في تطبيقات لتحسين نمط الحياة للمعاقين. ولكن الذكاء الاصطناعي قد يصحبه أحيانا بعض المشكلات، مثل الخضوع للمساءلة، والأمان، والارتياب من التكنولوجيا، وتشريد العمال البشريين.
وقد اعترف القطاع الخاص بهذه الفرص، ونميت الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي علي مدى السنوات العديدة الماضية. وقد استثمرت الشركات الكبرى في تطوير تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وتتوقع شركة فورستر الأمريكية للأبحاث أن تنمو الاستثمارات في الذكاء الاصطناعي بنسبة 300٪ في عام 2017 فقط. وفي الوقت نفسه، يخشى العمال من الاستعاضة عن سبل معيشتهم بآلات. وهناك تساؤلات خطيرة بشأن من سيستفيد ومن قد يخسر.
ومع ذلك، وبعيداً عن الأثر الاقتصادي الذي قد يحدثه الذكاء الاصطناعي، فإن الذكاء الاصطناعي سوف يؤثر أيضاً علي كيفية تصور الناس واستخدامهم للإنترنت. ولديه القدرة على تكثيف مخاوف المستخدمين حول الإنترنت، مثل قضايا المساءلة، والانفتاح، والأمن والسلامة، وآثاره الاجتماعية والاقتصادية.
مع امكانية التأثير بشكل كبير على الاقتصاد والمجتمع في المستقبل القريب، احتل الذكاء الاصطناعي الصدارة في العديد من المناقشات المتعلقة بالسياسات في جميع أنحاء العالم. وتتراوح هذه المناقشات بين إدارة الذكاء الاصطناعي، مثل ضمان المساءلة بخصوص القرارات الخوارزمية -مجموعة من القواعد التي تعبر عن سلسلة محددة من العمليات- والتخفيف من أثر الذكاء الاصطناعي علي العمالة.
وهناك تحديات واضحة للذكاء الاصطناعي التي يجب التصدي لها الآن لدعم مستقبل التكنولوجيا الإيجابي. ومن المهم ملاحظة أن الأثر المتوقع للذكاء الاصطناعي يستند إلى حد كبير إلى التوقعات والتقديرات. ولكن بغض النظر عن مستوى التأثير ، فإن الذكاء الاصطناعي سيؤثر علي اقتصاد العالم ومواطنيه وعلى شبكة الإنترنت.
والأمر اليوم متروك لأصحاب المصلحة، سواء كانوا صانعي السياسات أو الأعمال التجارية أو التقنية أو المجتمع المدني، لضمان أن يكون تأثير الذكاء الاصطناعي إيجابياً من خلال التصدي بشكل استباقي للمشكلات، مع ضمان استمرار توافر الفرص.
ترجمة: قمر عبد الحكيم