ماذا يعني مفهوم الميزة التنافسية؟
الميزة التنافسية Competitive advantage
تعرف بأنها المهارة أو التقنية أو المورد المتميز الذي يتيح للمنظمة إنتاج قيم ومنافع للعملاء تزيد عما يقدمه لهم المنافسون، ويؤكد تميزها واختلافها عن هؤلاء المنافسين من وجهة نظر العملاء الذين يتقبلون هذا الاختلاف والتميز، حيث يحقق لهم المزيد من المنافع والقيم التي تتفوق على ما يقدمه لهم المنافسون الآخرون.
وتنشأ الميزة التنافسية بمجرد توصل المؤسسة إلى اكتشاف طرق جديدة أكثر فعالية من تلك المستعملة من قبل المنافسين، حيث يكون بمقدورها تجسيد هذا الاكتشاف ميدانياً، وبمعنى آخر بمجرد إحداث عملية إبداع بمفهومه الواسع.
ويعتبر مفهوم الميزة التنافسية ثورة حقيقية في عالم إدارة الأعمال على المستوى الأكاديمي والعملي. فأكاديمياً لم يعد ينظر للإدارة ك (هم داخلي) أو كمواجهة وقتية مع مشاكل ليست ذات بعد استراتيجي.. ولكن أصبح ينظر للإدارة كعملية ديناميكية ومستمرة تستهدف معالجة الكثير من الهموم الداخلية والخارجية لتحقيق التفوق المستمر للشركة على الآخرين أي على المنافسين والموردين والمشترين وغيرهم من الأطراف الذين تتعامل معهم الشركة وبطبيعة الحال لن يكون تحقيق التفوق هذا عملاً وقتياً أو قصير المدى ولكنه محاولات دائمة لحفظ توازن الشركة تجاه الأطراف الأخرى في السوق.
وعملياً يحرص المديرون حسب المفهوم الجديد على العمل الدءوب المستمر للتعرف علي وتحليل واكتشاف والمحافظة علي والاستـثمار في الميزة التـنافسية للشركة ولنا أن نـتخيل كيف أن عملاً كهذا يحتاج إلى الكثير من البحث والتحري والتقدير السليم والبصيرة الثاقبة والذكاء والإبداع والابتكار الخ . ونلاحظ هنا أن عمل المدير لا ينـتهي بسهولة ونـتائجه لا تـتضح بين عشية وضحاها ولكن عمل المدير يصبح محاولات دءوبة للتـفوق المستمر ( sustainability ) في عالم ديناميكي ومتقلب. وهناك فرق واضح بين النجاح والتفوق فالنجاح نتيجة يسعى الجميع لتحقيقها وقد يتحقق مرة أو مرتين أما التفوق فهي خاصية في الشركة تمنحها استمرارية النجاح واستمرارية البقاء على القمة في سوق لا يعترف إلا بالمتفوقين..
من حيث المعنى تشير الميزة التـنافسية إلى الخاصية التي تميز الشركة عن غيرها من الشركات المنافسة وتحقق لهذه الشركة موقفاً قوياً تجاه الأطراف المختلفة. ويمكن لأية شركة أن تحقق الميزة التـنافسية بطرق عديدة ولكن أهم هذه الطرق على الإطلاق هي أن تكون الشركة ذات تكاليف منخفضة (تـنتج بتكاليف تـنافسية وتـبيع بسعر منخفض ) أو أن تتمكن الشركة من تمييز منتجاتها فيزيائياً (رفع جودة المنتجات) أو انطباعيا ( الإعلان والاسم والشهرة) وسنناقش هذه الطرق لاحقاً.
أبعاد الميزة التنافسية
للميزة التـنافسية كما يتضح من الكلام أعلاه بعدان رئيسيان البعد الداخلي والبعد الخارجي: فداخلياً تنبني الميزة التنافسية لأية شركة على عدد من القدرات المميزة Distinctive Competencies ويجب على القائمين على هذه الشركة التعرف جيداً على هذه القدرات والإمكانات والاستثمار فيها بشكل يحقق الميزة التنافسية. فعلى سبيل المثال تنجح الشركة التي تستغل قدراتها الداخلية مثل الآلات أو مهارات العاملين أو قدرات رجال البيع الخ مقارنة مع الشركة الذي لا تعرف هذه القدرات ولا تـثمنها التـثمين المطلوب.
والبعد الخارجي للميزة التـنافسية يتمحور حول حقيقية أنه لا توجد ميزة تـنافسية بدون القدرة على لجم الأطراف الخارجية والتعامل معها على أسس راسخة من القوة والسيطرة والثبات. ومن أجل ذل جاءت كلمة “التـنافسية” مرتبطة بالميزة كإشارة لأهمية كون هذه الميزة ذات علاقة تضاد وتصادم مع الأطراف الخارجية سواء المنافسين أو الموردين أو المشترين وغيرهم. وكمثال على ذلك نلاحظ أن الميزة التـنافسية الجيدة هي الميزة التي تجعل الشركة تملك موقفاً أقوى من المشترين عندما يحين موعد التـفاوض حول الأسعار أو الكميات أو الخصومات أو جودة المنتجات الخ وينطبق الكلام نفسه على الميزة التي تجعل الشركة تـتفوق في السوق على المصانع الأخرى المنافسة.
وتزداد أهمية هذا المفهوم في عالم اليوم مع ازدياد حدة المنافسة وزيادة الصراع التجاري العالمي مما يحتم على الشركات المختلفة تمييز نفسها واكتساب أرضية جديدة في السوق العالمي الكبير، وهذا بلا شك يهم شركاتنا الوطنية المتطلعة لإثبات تواجدها في كل مكان.
أنواع الميزة التنافسية
نميز بين نوعين من الميزة التنافسية:
ميزة التكلفة الأقل
يمكن لمؤسسة ما أن تحوز ميزة التكلفة الأقل إذا كانت تكاليفها المتراكمة بالأنشطة المنتجة للقيمة أقل من نظيرتها لدى المنافسين، وللحيازة عليها يتم الاستناد إلى مراقبة عوامل تطور التكاليف، حيث أن التحكم الجيد في هذه العوامل مقارنة بالمنافسين يكسب المؤسسة ميزة التكلفة الأقل، ومن بين هذه العوامل مراقبة التعلم: بحيث أن التعلم هو نتيجة للجهود المتواصلة والمبذولة من قبل الإطارات والمستخدمين على حد السواء، لذلك يجب ألا يتم التركيز على تكاليف اليد العاملة فحسب، بل يجب أن يتعداه إلى تكاليف النفايات والأنشطة الأخرى المنتجة للقيمة، فالمسيرون مطالبون بتحسين التعلم وتحديد أهدافه، وليتم ذلك يستند إلى مقارنة درجة التعلم بين التجهيزات والمناطق ثم مقابلتها بالمعايير المعمول بها في القطاع.
ميزة التميز
تتميز المؤسسة عن منافسيها عندما يكون بمقدورها الحيازة على خصائص فريدة تجعل الزبون يتعلق بها، وحتى يتم الحيازة على هذه الميزة يستند إلى عوامل تدعى بعوامل التفرد، والتي نميز من بينها التعلم وآثار بثه: بحيث قد تنجم خاصية التفرد لنشاط معين، عندما يمارس التعلم بصفة جيدة، فالجودة الثابتة في العملية الإنتاجية يمكن تعلمها، ومن ثم فإن التعلم الذي يتم امتلاكه بشكل شامل كفيل بأن يؤدي إلى تميز متواصل.
معايير الحكم على جودة الميزة التنافسية
تتحدد بثلاث ظروف، هي:
مصدر الميزة
نميز بين نوعين من المزايا وفقاً لهذا المعيار:
1- مزايا تنافسية منخفضة: تعتمد على التكلفة الأقل لقوة العمل والمواد الخام، وهي سهلة التقليد نسبياً من قبل المنافسين.
2- مزايا تنافسية مرتفعة: تستند إلى تميز المنتج أو الخدمة، السمعة الطيبة أو العلامة التجارية، العلاقات الوطيدة بالعملاء، وتتطلب هذه المزايا توافر مهارات وقدرات عالية المستوى مثل تدريب العمال.
عدد مصادر الميزة التي تمتلكها المؤسسة
إنّ اعتماد المؤسسة على ميزة تنافسية واحدة يعرضها إلى خطر سهولة تقليدها من قبل المنافسين، لذا يستحسن تعدد مصادر الميزة التنافسية لكي تصعب على المنافسين تقليدها.
=درجة التحسين، التطوير والتجديد المستمر في الميزة
تقوم المؤسسات بخلق مزايا جديدة وبشكل أسرع لتفادي قيام المؤسسات المنافسة بتقليد أو محاكاة ميزتها التنافسية الحالية، لذا تتجه لخلق مزايا تنافسية من المرتبة المرتفعة، كما يجب على المؤسسة أن تقوم بتقييم مستمر لأداء ميزتها التنافسية ومدى سدادها بالاستناد على المعايير السائدة في القطاع، كما يمكنها إثراء هذه المعايير بهدف التقييم الصائب لها ومعرفة مدى نجاعتها، وبالتالي اتخاذ القرار في الاحتفاظ بها أو التخلي عنها في حالة أنها لا تحقق هدفي التفوق على المنافس والوفورات الإقتصادية.
مصادر إكتساب الميزة التنافسية
عند إكتساب الميزة التنافسية، يفترض على المؤسسات البحث عن مختلف العناصر، التي تمكنها من تقوية موقعها في السوق، ونجد أن معظم مصادر الميزة التنافسية تتجلى في:
أولا: المصادر المرتبطة بالحجم: وتعبر عن مختلف العناصر، والمتعلقة أساسا بحجم الإنتاج داخل المؤسسة، والتي من بينها:
أ- إقتصاديات الوفرة: وهي عبارة عن تلك القيمة المنتجة والمباعة من منتوج معين والتي تخفض التكاليف الوحدوية، أي أن الزيادة في حجم الإنتاج، بهدف تخفيض التكاليف الوحدوية للمنتجات.
ويتم تخفيض التكاليف بصفة عامة بعدة طرق أهمها:
1- تحسين معدل استعمال الآلات والمعدات.
2- إقتناء تجهيزات أكثر فعالية.
3- المكننة والأتمتة.
4- توزيع التكاليف الثابتة على كميات إنتاج أكبر.
ب- مفعول الخبرة: نحن نعلم أنه كلما مرت السنوات على مؤسسة ما، وهي في حالة إنتاج لمنتج معين، كلما زادت خبرتها في هذا المجال وتراكمت. وهنا تسمح هذه الخبرة في تخفيض بعض التكاليف كون المؤسسة أصبحت قادرة على تجاوز بعض الأخطاء، التي قد تطرأ إثر عملية الإنتاج، التوزيع وغير ذلك.
ج- الكتلة الحرجة: تعبر عن أدنى حجم ضروري، لتمكين المؤسسة من مواجهة شدة التنافس في السوق. هذه الكتلة تابعة لعدة خصائص تتعلق بالقطاع في حد ذاته والتي من بينها:
1- العتبة التقنية: والتي تظهر عند ضرورة الإنتاج بكميات كبيرة، من أجل تخفيض التكاليف الوحدوية.
2- العتبة التجارية: أي تقليص التكليف الوحدوية للتوزيع، إثر زيادة الكمية المباعة وكبرها.
3- العتبة المالية: أي الحد الأدنى للموارد المالية، لتغطية تكاليف الإستثمار أو الإنتاج.
ثانيا: المصادر المرتبطة بالموارد: وهي التي تتعلق بموارد المؤسسة والتي نجد منها:
أ- إعادة التكوين: وتعكس مدى قدرة المؤسسة على إعادة تجديد مواردها المستعملة مسبقا(رؤوس الأموال…) وتنميتها بمختلف طرق تراكم الموارد، كطرق التمويل الذاتي، أو طرح أسهم في السوق أو سندات وغير ذلك.
ب- التعاون الوظيفي: ويعبر هذا الأخير عن إمكانية تجميع نشاطين أو أكثر في نشاط واحد، من أجل الحصول على نتيجة أعلى، وربحية أكبر. بشرط أن تكون الأنشطة متكاملة.
معوقات اكتساب الميزة التنافسية
إن اكتساب المؤسسة للميزة التنافسية في بيئتها لن يكون بالأمر السهل طبعا، فقد تواجه المؤسسة عدة عقبات، تحد من إمكانية إكتسابها لميزة تنافسية، وموقع تنافسي إستراتيجي في السوق ومن بين هذه المعوقات نجد:
أولا: المعوقات الداخلية: وتعبر عن مختلف العقبات الداخلية التي تواجه المؤسسة في بيئتها داخل الدولة الواحدة، والتي نوجزها في مايلي:
- غياب قيادة إدارية ناجحة، مما يعيق التنمية الإدارية، وقد يظهر العجز هنا، وفي غياب القادة الأكفاء القادرين على تنمية مهارات العاملين.
- عدم وجود رقابة إيجابية، تسمح بالقضاء على الإنحرافات داخل المؤسسة.
- غياب الشفافية عند إزالة السلوكيات السلبية، من أفراد داخل المؤسسة.
- عدم قدرة المؤسسة على توفير المعلومات الضرورية والسريعة المساعدة في عملية إتخاذ القرارات وترشيدها.
- عدم استخدام المؤسسة لتكنولوجيات الإعلام والاتصال وعدم مسايرة التطورات الحديثة.
ثانيا: المعوقات الخارجية: وهي التي تتعلق بمختلف العقبات الخارجية، التي تنتج عن خارج نطاق بيئة المؤسسة التي نجد منها مايلي:
- الأسواق العالمية والتكتلات الإقليمية، التي تضع عقبات وحواجز للدخول.
- وجود تشريعات وقوانين وضوابط، تخدم المؤسسات الأجنبية على حساب الوطنية.
- وجود مؤسسات متحالفة عالميا، يصعب على أي مؤسسة منافستها.
- تحول التنافس من السلع والخدمات إلى التنافس المعرفي.
- تحول المعايير الخاصة بالمواصفات من محلية إلى دولية.
- عدم الإلتزام بالمواصفات الدولية للجودة.
- ضعف أجهزة التعليم والتثقيف.
- عدم الإهتمام بالبحوث والتطوير.