منوعات

الخيال العلمي ومستقبل البشرية | هل نحن مستعدون حقاً لعصر الروبوتات الذكية !

كيف سيتشكل مستقبل البشرية باعتمادنا المتزايد علي أجهزة الكمبيوتر والآلات ؟

تفيد الكثير من المؤشرات إلى أن ما يُعرف بأجهزة الروبوت “الاجتماعية” في طريقها لتكون أكثر شيوعا، ولكن هل تُرانا سنستمتع بصحبتها؟

كريس بارانيوك يشرح في السطور التالية الأسباب التي ربما تجعل من العسير في بعض الأحيان التكيف مع مثل هذه الصحبة، وكيف سيغير هذا الأمر من ملامح حياتنا.

في بادئ الأمر، قد يقول البعض إن أجهزة الروبوت ليست إلا مجموعة من الخدم الآليين.

وإذا كان مثل هذا الوصف صحيحا في الماضي، فإنه لم يعد كذلك في الوقت الحاضر. فبعض تلك الأجهزة – على سبيل المثال – مُبرمج لكي يتعامل ويستجيب ببساطة مع ما يراودنا من رغبات.

مثال على ذلك، روبوت منحه مبتكروه اسم (بَتلر) – في إشارة كما يبدو إلى كلمة (خادم أو ساقِ) باللغة الانكليزية، وهو روبوت يجول في ردهات أحد فنادق وادي السيليكون بولاية كاليفورنيا الأمريكية.

لكن في هذه الأيام، ينصب الاهتمام الأكبر على أجهزة الروبوت التي يمكن أن نتبادل معها أطراف الحديث، وأن نتفاعل معها اجتماعيا، بل أن نتعايش معها جنبا إلى جنب.

من بين هذه الأجهزة، تلك التي يمكن أن تتفهم ما يختلج في صدورنا من مشاعر، ويكون بوسعها تقديم الرعاية لنا حينما نتقدم في العمر.

فإذا علمنا أن التوقعات تشير إلى أن عدد أرباب المعاشات في أوروبا سيصل إلى نصف عدد القوى العاملة في القارة بحلول عام 2060، قد ندرك أن ذلك يشكل أحد الأسباب التي تحدو الكثيرين إلى النظر إلى أجهزة الروبوت باعتبارها إحدى الوسائل التي ستساعد على التكيف مع طبيعة مجتمع يزداد فيه عدد كبار السن.

كثر الحديث في السنوات القليلة الماضية، أن العالم دخل في ثورة صناعية جديدة مبنية على الذكاء الاصطناعي والأتمتة والروبوتات التي بدورها تهدد بإلغاء الملايين من الوظائف حول العالم.

وبحسب تقديرات المنتدى الاقتصادي العالمي، فستؤدي هذه الثورة الصناعية الجديدة إلى خسارة 7 ملايين وظيفة في 15 من الدول المتقدمة بحلول العام 2020 معظمها في وظائف إدارية وروتينية مقابل خلق مليوني وظيفة في قطاعات الحاسوب والرياضيات والهندسة.

إذا وظائف المستقبل مركزة في القطاع الرقمي، ولكن ماذا عن قدرة الدول العربية للتأقلم مع هذا الواقع الجديد وخاصة أنها تعاني أصلا من نسب بطالة بين شبابها هي الأعلى حول العالم عند 30% وضعف المعدل العالمي؟

لا يزال الاقتصاد الرقمي يشكل نسبة ضئيلة من الناتج المحلي للدول العربية عند 4% بالمقارنة مع نسبة تصل إلى 6% في الاتحاد الأوروبي و8% في الولايات المتحدة.

تظهر دراسة حديثة لـ لينكدان و Strategy &، أن الوظائف الرقمية تشكل 1.7% فقط من سوق العمل في الدول الخليجية بالمقارنة مع نسبة تصل الى 5.4% في الاتحاد الاوروبي.

كما أن 93% من الخبراء في القطاع الرقمي في المنطقة المتواجدين على منصة Linkedin حصّلوا دراستَهم الجامعية في الخارج مما يظهر القصور في القطاع التعليمي لتوفير التخصصات المطلوبة لمستقبل سوق العمل.

الجدير ذكره هنا أن نسبة البطالة بين خريجي الجامعات في معظم الدول العربية أعلى من نسبة البطالة العامة.

إذ إن 25% من حملة الشهادات الجامعية في مصر والجزائر مثلا عاطلون عن العمل، ومثلُهم 20% في الأردن مقارنةً مع نسب بطالة عامة تتراوح بين 11% و13% لهذه البلدان. ولغرض المقارنة فهذه النسبة في البرازيل الدولة الناشئة هي 6% مع العلم أن البطالة العامة تقف عند 13%.

لذلك ينصح الخبراء أن تحضير سوق العمل للمستقبل يجب أن يبدأ من المدارس عبر التركيز في تعليم الطلاب مهارات التفكير النقدي وإدخال البرمجة أو coding في المناهج المدرسية وهو ما بدأت بتطبيقه الامارات.

كما أن التعلم لوظائف المستقبل يجب أن يستمر مدى الحياة بدلاً من الاكتفاء بالتعليم الجامعي، وذلك ضروري لمواكبة التطور السريع المتوقع في سوق العمل. وهنا يجب إعطاء دور أكبر للتعلم عبر الإنترنت رغم أن معظم الدول العربية ما زالت لا تعترف بهذا النوع من الشهادات.

يحل الذكاء الاصطناعي محل الإنسان ويأخذ أدواره، ويفترض في هذه الأنظمة الذكية أن تحاكي السلوك الإنساني -أو أن تطبق نسخة مثالية من هذا السلوك على الأقل. وربما يكون ذلك منطقياً في مهمات محدودة مثل تجميع المنتج. لكن هذا الهدف يصبح معقداً عندما يتعلق الأمر بأنظمة أكثر استقلالاً -الروبوتات وأنظمة الذكاء الاصطناعي التي يمكن أن “تتخذ قرارات” بنفسها.

هناك نوعان من المشكلات في افتراض أن أنظمة الذكاء الاصطناعي يمكن أن تتصرف كما نفعل نحن البشر. أولاً، ليس من الواضح تماماً دائماً كيف يجب أن نتصرف نحن أنفسنا، وبذلك تصبح برمجة الروبوتات تمريناً في البحث في أعماق النفس عن معنى الأخلاق، وطرحاً للأسئلة التي ليست لدينا إجابات عنها حتى الآن. ثانياً، إذا كان الأمر سينتهي بالذكاء الاصطناعي وقد أصبح أكثر يمتلك من القدرة أكثر مما نمتلك، فإن هذا قد يعني أن تكون لديه واجبات أخلاقية مختلفة؛ واجبات تتطلب منه التصرف بشكل مختلف عما نفعل نحن.

دعونا ننظر في السيارات الروبوتية لتوضيح المشكلة الأولى. كيف تجب برمجتها؟ هذا الأمر مهم، لأنها تقود نفسها في الشوارع، جنباً إلى جنب مع عائلاتنا في الوقت الحالي. هل يجب أن تطيع القانون دائماً؟ هل تحمي ركابها دائماً؟ هل تعمد إلى تقليل الضرر إلى الحد الأدنى في حادث ما إذا كان ذلك في وسعها؟ أم يجب عليها أن تضغط على الكوابح فقط عندما تكون هناك مشكلة؟

هذه وغيرها من أساسيات التصميم تبدو معقولة بما يكفي، ولكنها تتعارض في بعض الأحيان. فعلى سبيل المثال، قد يكون على سيارة آلية أن تنتهك القانون أو تخاطر بسلامة ركابها لتجنب وقوع أكبر عدد من الخسائر في الأرواح في الخارج. والقرار الصحيح، أياً يكن، هو في الأساس دعوة أخلاقية قائمة على أساس القيم الإنسانية، وواحدة لا تمكن الإجابة عنها بالعلوم والهندسة وحدهما.

يقودنا هذا إلى مشكلة ثانية ذات صلة. مع أجهزة استشعارها التي لا ترمش أو تغفل، ووعيها المرتبط بشبكة الإنترنت، تستطيع السيارات الروبوتات الكشف عن المخاطر والتفاعل بشكل أسرع بكثير مما نستطيع نحن -وهذا هو المقصود من الذكاء الاصطناعي أن يفعله. وبالإضافة إلى ذلك، فإن سلوكها مبرمج، وهو ما يعني أن قرارات الاصطدام تكون مدونّة مسبقاً. وهنا تكمن معضلة. إذا اتخذ سائق بشري قراراً سيئاً في اصطدام مفاجئ، فإنه حادث يمكن التسامح معه، ولكن عندما يتخذ الذكاء الاصطناعي أي قرار، فإنه لا يكون رد فعل انعكاسياً، وإنما مقرراً سلفاً مع سبق الإصرار.

ليس هذا مجرد شأن فلسفي، وإنما مسألة لها تداعيات وآثار حقيقية. فباعتبار أن القرار الروبوتي حول حادث ما يكون مدروساً -أي أنه يضع في اعتباره عوامل عديدة لا يمكن أن يعالجها الدماغ البشري في جزء من الثانية- فإنه يكون من المفترض أن يؤدي هذا القرار إلى نتائج أفضل بشكل عام، لكن هذا هو المكان الذي تنشأ فيه مشكلة جديدة؛ حيث يمكن أن تكون لحادث “عرضي” تسبب به إنسان، وحادث “متعمد” يتضمن نظاماً حاسوبياً وآثارا قانونية مختلفة إلى حد كبير.

 

المصادر (1) (2) (3

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى