الذكاء الاصطناعي | خطر يُهدد البشرية بالفناء وليس مجرد خيال علمي
غالباً ما يتجدد النقاش بعد كل إنجاز أو فتح علمي معتبر في قطاع التكنولوجيا الرقمية حول مستقبل الإنسان ودوره في عالم الغد. لكن نطاق النقاش نادراً ما ينحصر بين المتخصصين المباشرين، بل يتعداه ليشمل المنظرين في الاجتماع والنفس وغيرهم بالإضافة للفلاسفة.
بالنسبة لنا اليوم وفي سياق دراسات حديثة، يبدو أن تطور الروبوتات والذكاء الاصطناعي سوف يؤدي إلى هيمنة الآلة على البشر في جميع المجالات خلال 50 إلى 60 عاماً من الآن، الأمر الذي يدفع النقاش أكثر فأكثر إلى واجهة المسرح.
حذر أكاديمي بجامعة أكسفورد البريطانية من تعرض الجنس البشري لخطر كبير قد يؤدي إلى انقراضه بنهاية المطاف بسبب إنتاج أجهزة فائقة الذكاء.
وقد توقع الدكتور ستيوارت أرمسترونغ، من معهد مستقبل الإنسانية بجامعة أكسفورد، مستقبلاً تصبح فيه أنظمة الذكاء الاصطناعي لا غنى عنها في حياة الإنسان، بحيث تساعدنا على تولي المسؤولية.
وتحدث الأكاديمي عن أفلام ومسلسلات تلفزيونية أميركية بعينها تكشف خطوطاً واضحة بين الإنسان والروبوت، مشيراً إلى إمكانية تحولها إلى حقيقة، ولعل أشهر تلك الأعمال سلسلة أفلام “تيرميناتور” للممثل أرنولد شوازينغر.
ونقلت صحيفة “غارديان” البريطانية عن دراسة قام بها أرمسترونغ أن رؤيته المثيرة للقلق يمكن أن تحدث في أقرب وقت من العقود القليلة المقبلة.
وقال أرمسترونغ:
“ستواجه البشرية مستقبلاً مُخيفاً عندما تُصبح الآلات أكثر ذكاءاً من الإنسان.. نحن سنسلمهم زمام الأمور للتحكم بكافة أمورنا”
ويتخيل أرمسترونغ آلات قادرة على تسخير كميات كبيرة من قوة الحوسبة، وبسرعة غير معقولة مقارنة بالدماغ البشري، بحيث تشكل في النهاية شبكات عالمية تتواصل مع بعضها البعض دون تدخل بشري.
وقد اصطلح على تسمية ما سبق بالذكاء الاصطناعي العام، فعلى النقيض من أجهزة الكمبيوتر التي تقوم بمهام محددة ومحدودة مثل السيارات بدون سائق، ستكون أجهزة الذكاء الاصطناعي قادرة على السيطرة على أنظمة النقل، والاقتصادات الوطنية، والأسواق المالية، ونظم الرعاية الصحية، وتوزيع المنتجات بالكامل.
وتابع أرمسترونغ
“كل شيء يقوم به الجنس البشر من أفغال وتصرفات يمكن أن تقوم به آلات ذكية خلال السنوات المائة المقبلة ولكن بسرعة أكبر بكثير ودقة أكثر “
وبحسب مجلة “Be Geek” المتخصصة بالرقميات، فإن دراسات عديدة تشير إلى أنه وخلال 15 عاماً ستكون آلات فائقة الذكاء قادرة على كتابة المقالات أفضل من البشر أنفسهم وأنها ستستبدل الصحفيين والكتاب لأسباب تتعلق بالكلفة. تضيف المجلة، أن التقدم في هذا المجال يجعلنا نتوقع أن تتمكن الآلة من تحرير كتاب سيكون الأكثر مبيعاً في سنته قبل عام 2046.
لقد حقق الذكاء الاصطناعي نجاحات كبيرة جداً في عقد التسعينات وبداية القرن الواحد والعشرين للميلاد؛ حيث استخدم الذكاء الاصطناعي في استخراج البيانات، واللوجستية، وصناعة التكنولوجيا، والتشخيص الطبي.
إنّ الذكاء الاصطناعي هو من أفرع علم الحاسوب، ويعرف بأنّه خصائص وسلوك معين يتميز به البرامج الحاسوبية التي تجعله يحاكي قدرات البشر الذهنية وأنماط عملها، وأبرز هذه الخاصيات القدرة على الاستنتاج، والتعلم، ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج داخل الآلة، كما يعرف بأنّه تصميم ودراسة العملاء الأذكياء. وتستخدم في مجموعة كبيرة من المجالات مثل: النظم الخبيرة، والتشخيص الطبي، ومحركات البحث على الإنترنت، ومعالجة اللغات الطبيعية، وألعاب الفيديو، وتداول الأسهم، والقانون، وتمييز وتحليل الصور، ولعب الأطفال، والاكتشافات العلمية، والتحكم الآلي، وتمييز الأصوات.
إن المرعب في الأمر حقاً هو مصير الإنسان وسط هذه الطفرة العظيمة لهذا العلم، فالاستغناء عن القوة البشرية مقابل استيعاب الآلة والحواسيب قد بدا جلياً، كما يجعل التفكير صعباً جداً في نوع الأعمال التي قد يعمل بها البشر، وعند العرب تحديداً فالمادة التعليمية في المدارس والجامعات لا يتم تحديثها بما يناسب تغيرات العصر وتطوراته، كما لا تتوافق مع تطور تطبيقات الذكاء الاصطناعي لاستيعاب التغييرات التي تحدث في كل وقت والاحتياط لها بالتالي.
لقد حان الوقت للتغيير في عالمنا بانتهاج أفضل الطرق الاقتصادية لتطوير مجالي التعليم والاقتصاد، لتنشأ أجيال قادرة على استيعاب الواقع ومواجهة تحدياته، وذلك قد يحدث من خلال تعلم أبنائنا على أيادٍ أجنبية، حتى يكون لنا نصيب في الاقتصاد المعرفي العالمي، سواء في جانب تصنيع تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتطويرها بما يتكيف مع ثقافاتنا، أو في جانب الابتكار والإبداع الذي يجعل الاحتياج العالمي لمنتجاتنا وارد ومنافس أيضاً كأقل احتراز مما قد نواجهه مستقبلاً من تغييرات في العالم.. وللحديث بقية.