كشفت إدارة الطيران والفضاء ناسا عن تفاصيل خطتها لدراسة أول كسوف كلي للشمس عبر الولايات المتحدة منذ قرن من الزمن، حيث سيكون هذا أول كسوف كلي ستشهده الولايات المتحدة من الساحل الغربي إلى الشرقي منذ عام 1918.
في 21 أغسطس، سوف يتدفق عشرات الملايين من الناس إلى مسار الكسوف الكلي الذي يبلغ طوله 110 كيلومتراً لمشاهدة الحدث. بجانب تلك الحشود سيراقب الكسوف الكثير من العلماء، في محاولة استغلال الـ 160 ثانية التي تُحجب فيهم الشمس بواسطة القمر، في معرفة كل شيء بدءاً من ديناميكا الغلاف الجوي، إلى احتمالات وجود حياة على المريخ.
تقول (كاثرين لانيير – Catherine Lanier) المديرة المعاونة ببرنامج ناسا الفضائي في جامعة أوريغون التي ستكون ضمن مسار الكسوف الكلي “إنها واحدة من التجارب الأكثر إثارة، أنه سيكون هناك محاولة لدراسة الكسوف عن طريق إطلاق سلسلة من المناطيد على ارتفاع 30000 متراً (100000 قدم) في 55 موقع على طول مسار الكسوف الكلي.”
لن توفر النتائج بث مباشر فقط (عبر NASA TV) ولكنها ستكون المرة الأولى التي نشاهد فيها الكسوف من هذه الزاوية، باستخدام كاميرات 360 درجة تنقل لنا تفاصيل كل ما يحدث في السماء وعلى الأرض ، وسوف يستخدم باحثون آخرون مناطيد الطقس لتسجيل البيانات الجوية، كما تقول لانيير “إنها محاولة لمعرفة كيفية استجابة الغلاف الجوي”، فبعض من تلك المناطيد سوف تنقل سلالات بكتريا مماثلة لتلك البكتريا الموجودة على سطح المريخ.
درجة الحرارة وظروف الضغط على بعد 25900 متراً (85000 قدم) مماثلة لدرجة الحرارة وظروف الضغط على سطح المريخ. ويقول (أليكس يونغ – Alex Young) عالم بمركز غودارد لعلوم الفضاء التابع لناسا في غرين بلت بولاية ماريلاند “تحليق البكتريا على حافة الفضاء يتيح فرصاً فريدة لدراسة قدرة البكتريا على البقاء على قيد الحياة في ظروف المريخ القاسية.”
فريق آخر، بتمويل من spaceweather.com، سيقوم بإطلاق المناطيد أيضاً، وذلك لاستخدام الكسوف كفرصة لقياس الأشعة الكونية عالية الارتفاع. باستخدام مناطيد عالية الارتفاع لرصد مستويات الإشعاع على حافة الفضاء، سجل هؤلاء الباحثون زيادة بنسبة 10% في الأشعة الكونية منذ أواخر عام 2014. وقد أُخذت جميع القياسات من مكان واحد، فوق ولاية كاليفورنيا، لذلك يريد الباحثون أن يعرفوا ما يحدث في بقية أنحاء البلاد، وكسوف الشمس يعطي فرصاً للمعرفة.
قياس الأشعة الكونية خلال الكسوف أيضاً يمكنهم من تجاهل الشمس كمصدر، لأن القمر سوف يحجب الإشعاع خلال الكسوف.
وسوف يستخدم علماء الفلك الآخرون الكسوف كفرصة لتوجيه أجهزتهم نحو عطارد، نظراً لأن قربه من الشمس يجعل من الصعب مراقبته. وهذه فرصة نادرة لاستخدام الأجهزة التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء، لعمل خرائط حرارية لدرجات الحرارة على سطح عطارد، ولاسيما في الجانب المظلم.
“الطريقة التي تتغير بها درجة حرارة السطح تعطينا معلومات عن الخواص الحرارية للتربة في عطارد، نزولاً في العمق بمسافة سنتيمترات قليلة.” هذا ما قاله (قسطنطين تسانغ – Constantine Tsang) وهو عالم فلكي في المعهد الجنوبي الغربي للأبحاث في بولدر بولاية كولورادو.
على الرغم من ذلك، فإن أهم جزء عند حدوث أي كسوف كلي للشمس هو فرصة رؤية هالة الشمس -طبقة الكورونا- وهي الهالة التي تبدو متلألئة حول الشمس أثناء الكسوف الكلي.
وعلى الرغم من أن علماء الفلك لديهم الآن الكثير من الأجهزة الفضائية لدراسة الكورونا، فإن مراقبتها من الأرض -وخاصة من الطائرات- توفر فرصاً لا يمكن القيام بها من الفضاء.
يقول (أمير كاسبي – Amir Caspi) وهو عالم فيزياء بالمعهد الجنوبي الغربي للأبحاث بمدينة بولدر بولاية كولورادو “يمكن للكاميرات الجوية أن توفر صوراً فائقة السرعة وعالية الدقة، تفوق الأدوات الفضائية”
وقد يشمل الكسوف أيضاً جرعات صحية لعلم النفس الاجتماعي، لأن رؤية الهالة الشمسية فرصة قد لا تحدث إلا مرة واحدة في العمر، مما يدفع الملايين من الأمريكيين للتدافع والتسبب في حدوث اختناقات المرور الرهيبة “من المتوقع أن تكون الأسوأ في التاريخ” لمحاولة التواجد في مسار الكسوف الكلي.
يقول (راندال ميلشتاين – Randal Millstein) وهو فلكي في جامعة ولاية أوريغون “إنها أجمل الظواهر الطبيعية التي يمكن أن يشاهدها معظم الناس، إنها تجربة مثيرة يتشاركها البشر وهم يتطلعون نحو السماء.”
رؤية الكسوف، كما يقول راندال، لها تأثير عاطفي عميق من الجانب النفسي، فسوف تجد أناسا يبكون، وآخرون يضحكون، والبعض سوف يغني، والبعض الآخر مستلقياً على الأرض.
كل هذا يتوقف بالطبع على صفاء السماء؛ فيقول باساتشوف: «لا يمكن التغلب على السحب؛ لذا فلنأمل أن يكون الطقس مواتياً»، لكن حتى لو أدى سوء الطقس إلى حجب هذا الحدث فسيبقى مع ذلك الاستمتاع بإظلام السماء، وفي هذه الأثناء سيقوم موقع وكالة ناسا على الإنترنت ومواقع أخرى ببث الحدث.