صدمات ذهنية مرعبة
هلوسات الذات المرعبة ساهمت بتشكيل الأدب الروسي، ليلة في حياة تولستوي و جلد للذات والعقل تخاطر ديستوفيسكي .
يقول تولستوي في كتابة ( مذكرات رجل مجنون)
أتذكر جيداً كيف كانت تلك الليلة مؤلمة بالنسبة لي ، كنت في غرفة مربعة بالضبط مع نافذة وحيدة وستائر حمراء طويلة ،طاولة من خشب البتولا وأريكة مجعدة من كلا الجانبين .
دخلنا ، رتب لي سيرجي السرير وسكب لنا كوب من الشاي ، ثم اخذ وسادة وتمدد على الأريكة، لم استطع النوم، لكنني أنصت لصوت سيرجي وهو يحتسي الشاي ويناديني: لقد طوقتني فكرة لحظية في هذه الغرفة المريعة ، خفت أن أنام ولا استيقظ أبداً ، هذا صحيح ، غفوت وحين استيقظت لم يكن حولي أحد ،كان المكان مظلماً، عدت للنوم مجدداً وأدركت بأن لا طريق للعودة.
” لماذا جئت إلى هنا ،إلى أي مكان جئت لأرمي قدري به ؟”
” إلى أين سأهرب ؟”
أهرب من شيء ثقيل ولا يمكنني حتى الهرب منه، هو دائما معي،وأنا دائما أعذب نفسي به،ها أنا ذا لست في بينزا ،لا عقارات أو أراضي تنفع الآن، لن تضيف لي ولن تحط من شأني ،والآن أنا متعب من نفسي رجل لا يٌطاق معذب،أريد أن أنام فقط وأنسى نفسي هنا ،لا ،لا استطيع ترك نفسي،هرعت عبر الردهة.كان سيرجي نائما في المساحة الضيفة من الأريكة ويداه تكاد تلامس الأرض.كان الحارس أيضاً نائماً في مكانه .هربت للخارج عبر الممر، تستحوذني فكرة وحيدة وهي الهروب من كل تلك الأشياء التي تطاردني لتعذبني .لكن شيءٌ ما جاءني وأحاطني ،طغى حول تلك اللحظة المرعبة والتي تضاعف ذعرها في عيني.
“أي نوع من الغباء هذا ؟”
قلت لنفسي “ما الذي سأعيش لأجله وما الذي أخافه ؟”
للموت صوتٍ غير مسموع ” أنا دائما هنا في الإرجاء .”
ومن المثير للاهتمام أن دويستويفسكي كتب في رواية ” مذلون مهانون ” على جانب موازي لرسم الأحداث التي مر بها تولستوي
” يجب أن نعترف بهذا وبكل صراحة، الوقوع في تلك الحالة الذهنية غالبا ما يحدث لي وبالأخص الآن أو في مرضي ، تحديدا في الليل ، وهو ما أطلق عليها بالعادة ” الرعب المتصوف” وهو هذا الخوف الأكثر إيلاماً من أي شيء آخر ، لا أستطيع تحديده بنفسي ، هو أمر غير مفهوم وغير موجود في ترتيب الأشياء، لكن على نحو ما ربما بهذه اللحظة بالذات سيخرج كما لو كان يسخر على كل حجج العقل ليأتي لي كحقيقة لا أستطيع مقاومتها كحقيقة فظيعة قبيحة لا ترحم، وهذا الفزع يزداد أكثر ويصبح أكثر صلابة مع مرور الوقت، على الرغم من كل حجج العقل التي تصرخ وتبرهن لكنه في نهاية المطاف سيخضع العقل للكثير من الوضوح ، وسيخسر عندئذٍ أي فرصة لمعارضة أو هزيمة هذا الشعور ،إن الحجج لا تطيعه فيصبح عديم الفائدة وهذا التزعزع والتأجج في تلك الحالة الذهنية المبهمة تزيد فتيل الخوف في الانتظار أكثر وأكثر، يبدو لي أن هذا النوع من الألم للناس الذين يخافون الموت، لكن في قلبي وما أؤمن به أنّ عدم اليقين بالخطر يزيد من العذاب أكثر وأكثر من ذلك.
أليكسي سوكولوف
المصدر
http://www.pravoslavie.ru/48032.html
ترجمة : إقبال عبيد
٦/١٢/٢٠١٧