ماذا يحدث لدموعك إذا كنت تبكي في الفضاء؟
جميعنا نملك عيوناً تدمع من حين لآخر، وهذا سيء بما فيه الكفاية هنا علي الأرض، ولكن ما يحدث إذا كنت تبكي هناك في الفضاء، في الفراغ الشاسع الذي من شأنه أن يجعلك تشعر بضآلة حجمك أو أنك عديم الأهمية؟ ماذا لو شعرت بالرغبة في البكاء من فرط جمال الكون الرائع من محطة الفضاء الدولية؟ وماذا لو أن شيئاً ما ببساطة عَلِقَ في عينيك؟ ماذا سوف يحدث لدموعك عند إنعدام الجاذبية؟ هل ستنزل الدموع على خدك وتسقط لأسفل كما يحدث على الأرض؟
كان (كلايتون سي. أندرسون – Clayton C. Anderson)، رائد الفضاء التابع لوكالة ناسا، يقول ذلك عن تجربته في الفضاء:
بكيت في الفضاء، بكيت عدة مرات… بسبب بعض الظروف العاطفية جداً، البكاء في الفضاء هو نفسه البكاء على الأرض، إلا أن الدموع لا تسقط بسبب إنعدام الجاذبية في الفضاء. هذا ليس بالأمر المهم على الإطلاق. على كل حال، العواطف التي مررت بها هناك -بالنسبة لي- كانت هي الأهم
نحن الآن نعرف بناءاً على تجربة مباشرة أن الدموع لا تسقط. ولكن السؤال هو، هل الدموع تتشكل بسبب إنعدام الجاذبية؟ حسناً، يتم تشكيل الدموع في الغدد الصغيرة -التي تُشبه حبة اللوز- علي طول العينين والمعروفة باسم (الغدد الدمعية -lachrymal glands ). وكلمة Lacrima باللاتينية تعني الدموع. هذه الغدد تنتج طبقة مائية رقيقة أمام أعيننا للحفاظ عليها رطبة، لكنهم أيضاً مصدر دموعنا. على الرغم من أن رواد الفضاء يشعرون أحياناً بجفاف في العينين بسبب بعض الأحوال الإكلينيكية على متن المحطة الفضائية الدولية، فإنهم لا يتوقفون عن ذرف الدموع في الفضاء. وبعبارة أخرى، إن سنحت لك فرصة الصعود للفضاء يوماً ما، بكل تأكيد سوف تبكي – ولو قليلاً، إما البكاء من فرط الجمال، أو البكاء بسبب الشعور بالغربة والضآلة.
كيف تؤثر الجاذبية على الأجسام الفضائية؟
الأجسام الموجودة في المدار تدور باتجاه مركز الأرض من دون التأثير عليها بقوة أخرى غير القوة المكتسبة من الجاذبية الأرضية بتسارع يساوي تقريباً 9.81 م/ث^2 ثابت لكل الأجسام قرب سطح الأرض دون تأثير لكتلتها. ومع ذلك، فإن محطة الفضاء الدولية تستمر في الهبوط تدريجياً، إذا جاز التعبير، وذلك بسبب ظاهرة تعرف باسم (التدهور المداري Orbital Decay). والتدهور المداري هو التناقص المستمر والممتد على فترة طويلة في ارتفاع مدار جسم ما في الفضاء.
ويحدث هذا نتيجة للمقاومة التي يسببها الغلاف الجوى نتيجة الاصطدامات المتكررة بين جسم ما وجزيئات الهواء المحيطة به. هذه المقاومة التي يلقاها الجسم تكون أكبر في حالة النشاط الشمسي، لأنه يسبب سخونة الطبقات العليا من الغلاف الجوي وبالتالي تمددها. وبالنسبة للأجسام الأكبر يمكن أن تسبب تأثيرات المد والجزر تدهوراً مدارياً، وبالنسبة للأجسام الأكبر من ذلك يظهر حتى تأثير (الإشعاع الجذبى – Gravitational Radiation). ولذلك تحدث عملية إعادة تعزيز حوالي مرة واحدة في الشهر لزيادة ارتفاعها فوق الأرض.
سواء في بحيرة ضخمة أو في كوب من الشاي المثلج، فإن السوائل تأخذ شكل الحاوية التي وضعت فيها بفضل الجاذبية، هذا ما يحدث هنا على الأرض. بينما فوق، في الفضاء، تأخذ السوائل أشكال حرة غير منتظمة.
التوتر السطحي هو التأثير الذي يجعل الطبقة السطحيّة لأي سائل تتصرف كورقة مرنة. ذلك التأثير الذي يسمح للحشرات بالسير على الماء، والأشياء المعدنية الصغيرة كالإبر، أو أجزاء ورق القصدير من الطفو على الماء، وهو المسبب أيضا للخاصيّة الشعريّة. وهناك التوتر الواجهي هو اسم لنفس التأثير عندما يحدث بين سائلين.
تربط بين جزيئات المادة المتجانسة قوى تسمى قوى الجذب الجزيئية (قوى التماسك) تعمل على تماسك جزيئات هذه المادة بعضها ببعض، إن قيمة هذه القوى في السوائل تكون أقل مما عليه في الأجسام الصلبة وهذا ما يفسر تغير شكل السائل بتغير الإناء الموجود فيه، بالإضافة إلى تلك القوى توجد قوى تؤثر بين جزيئات السائل وجزيئات الأوساط الأخرى التي تلامسها سواء أكانت حالة تلك الأوساط صلبة أو سائلة أو غازية تدعى هذه القوى ب (قوى التلاصق).
على العكس تماماً في الفضاء ،فمن دون تأثير الجاذبية لسحب السوائل إلى أسفل، فإنها تُسحب معاً لتغطية أصغر شكل ممكن-المجال.
كان رائد الفضاء الأمريكي (أندرو فوستيل – Andrew Feustel) في أحد مساراته الفضائية المقررة، وبعد خمس ساعات من الدوران حول محطة الفضاء الدولية، علقت في عينه رقاقة من النيتروجين المُثلج، تخيل مدى صعوبة أن تكون مُحاطاً بالعدم، عالقاً في مركبة الفضاء الخاصة بك، ولا تملك حتى أن تفرك عينيك المصابة بسبب خوذة ضخمة تغطي رأسك بأكملها. هذا هو الوضع الذي وجد نفسه فيه. لحسن الحظ ، كان قادراً علي فرك عينيه بإسفنجة صغيرة عالقة داخل خوذته، إسفنجة صغيرة تُستخدم عادة لسد الأنف أثناء إجراءات إعادة ضبط الضغط. إن لم تكن تلك الإسفنجة موجودة حينها، من يدري إلى متى كانت ستظل تلك الكرة الكبيرة من الدموع عالقة أمام عينيه حاجبة عنه الرؤية!
الآن نعرف أن الدموع تأخذ شكل الكرة في الفضاء. هل هناك اي توضيحات لهذا ؟
لحسن الحظ ، (كريس هادفيلد Chris Hadfield) قام بتغطية الموضوع ليسهل فهمه. وبصفته رائد فضاء وخبير في وسائل التواصل الاجتماعي، نشر فيديو يُظهر شكل كرة الماء فوق العين والخد خلال إنعدام الجاذبية. ألق نظرة على الفيديو أدناه!
https://www.youtube.com/watch?v=K_Z6Ox0Bp-o&feature=youtu.be