لماذا لا تظهر النجوم في خلفية الصور المُلتقطة في الفضاء؟
صور الأجرام السماوية المأخوذة من الفضاء بواسطة رواد الفضاء على متن الأقمار الصناعية لا تحتوي على نجوم لأن النجوم بعيدة، بعيدة جداً. وبالتالي فإنها تظهر خافتة بشكل لا يُصدق مقارنة بالأجسام الأقرب عند إلتقاط الصورة. كأن تلتقط أي صورة فضائية مثل صورة للأرض أو القمر أو المريخ أو أي أجسام أخرى تظهر في مقدمة الصورة.
يمكنك عمل بحث عن بعض الصور الفضائية المُلتقطة بواسطة رواد الفضاء أو التلسكوبات وتفحصها جيداً. في كل تلك الصور، سوف نلاحظ ظاهرة مثيرة للاهتمام إلى حد ما – لا تظهر النجوم في الخلفية في أي واحدة من تلك الصور. ألا تجد ذلك غريباً؟
في الواقع، إن السماء الليلية يمكننا رؤيتها منقطة بآلاف النجوم المتلألئة ومع ذلك فإن الصور الفضائية لا تُظهر أي من تلك النجوم، أليس صحيحاً؟ إذن كيف يحدثُ هذا؟
من أجل فهم ذلك، علينا البدء بالتركيز على خاصية معينة في الكاميرات الرقمية وهي [التعريض].
ماذا يعني التصوير بالتعريض؟
التعريض هو مصطلح مشتق من “تعريض الفيلم للضوء ” و هى تلك اللحظة التى يتشبع الفيلم فيها بفوتونات ضوئية تغير من التركيب الكيميائى له، ويحدث هذا بشكل يتناسب مع كمية الضوء الساقطة على كل جزء منه، و هو الترجمة الحرفية لكلمة (exposure).
و التعريض له ثلاثة حالات كما يظهر فى الصورة بدرجات متفاوتة، فهو إما أن يكون:
- تعريض زائد(Over-Exposed)
- تعريض مناسب(Right OR Balanced Exposed)
- تعريض قليل- ناقص (Under-Exposed)
ما هى الأدوات التى تقدمها الكاميرا للتحكم فى التعريض الضوئى (Exposure)؟
حيث أن الضوء يمر أولاً بالحدقة (Aperture) فإن أول وسيلة للتحكم فى كمية الضوء المارة إلى الحساس الضوئى(sensor) هى الحدقة، فكلما اتسعت الحدقة مر المزيد من الضوء وكلما ضاقت الحدقة قلت كمية الضوء المارة.
بعد أن يمر الضوء من الحدقة (Aperture) يصل إلى الغالق(shutter) و الذى يمكنه التحكم فى كمية الضوء المار من خلال التحكم فى الفترة الزمنية التى يظل فيها مفتوحاً، و هو ما يعرف اصطلاحاً بال (shutter speed) والتى من خلالها يتم تحديد الفترة الزمنية التى سيظل فيها الحساس الضوئى (sensor) معرض للضوء.
و آخر عنصر يمكنه التحكم فى كمية الضوء المارة هو الحساس الضوئى (sensor) نفسه، فمن خلال التحكم فى حساسية الحساس الضوئى(Sensor) أي معامل التكبير الخاص به، يمكن زيادة التعريض الضوئي الخاص بالصورة بمقدار محدد سلفاً تبعاً لظروف الإضاءة و تسمى حساسية الحساس الضوئى بال (ISO).
وتعرف هذه العناصر الثلاثة باسم (مثلث التعريض الضوئي – Exposure triangle ) و الذى يتحكم فى كمية الإضاءة و بالتالي التحكم فى التعريض الضوئي الكلى للصورة.
و السؤال الذى يتبادر للذهن هنا، إذا كان التعريف يحدد أن هناك تعريضاً مناسباً للضوء، و الباقى إما زائداً أو ناقصاً فلماذا نقول أنه لا يوجد ما يسمى بالتعريض الصحيح؟ أعرف أن هذا سؤالاً يتبادر لذهن البعض الآن، لكن و كما سيتضح فى مواضيع مقبلة، أن التعريض أحياناً يتم التلاعب به من أجل إحداث تأثيرات فنية، و لهذا قد تكون الصورة من حيث التعريض غير متوازنة، لكنها من حيث الأثر الفنى رائعة. و قد يصبح فى بعض الأحيان التعريض الضوئي المتوازن خطأ لا يغتفر يهدر جمال الصورة التي بقليل من التعديلات قد تختلف كلياً.
دور “التعريض” في التقاط صورة مثالية
من أجل التقاط صورة كاملة الإضاءة، يجب عليك التحكم بعناية في كمية الضوء الداخل إلى عدسة الكاميرا (باستخدام الإعدادات الثلاثة المذكورة أعلاه). عندما نحمل الكاميرا ونغادر البيت بعد الغروب، نحاول توجيه كاميراتنا هنا وهنالك نحو الجو المحيط الذي تحدثه الأضواء المتلألئة بين ظلال الليل. غير أن النتائج، وهذا من سوء الحظ، ومن المتوقع أيضًا، لا تكون بهذا القدر من الوضوح. وعلى عكس الصور التي تم التقاطها أثناء ساعات النهار عندما يكون الضوء قويًا، توجد العديد من العوائق الخفية التي تواجهنا عند محاولة التقاط صور ليلية.
ما العلاقة بين [التصوير بالتعريض] و [عدم ظهور النجوم] في الصور الفضائية؟
قبل النقر لإلتقاط الصورة، يجب على المصور أن يضبط إعدادات التعريض الخاصة بالكاميرا، إعتماداً على مدى حسن أو سوء إضاءة الصورة المعنية.
إذا كنت تريد التقاط صورة لجسم سماوي كبير نسبياً مثل (الأرض، القمر، إلخ..) في الفضاء، إذن سوف تبقي تعريض الكاميرا قصيراً. وذلك لأن الجسم سيكون بالفعل مشرق جداً، كما لو كان يغوص في ضوء الشمس. وبالتالي، فإن التعرض القصير يكفي لالتقاط صورة واضحة، كافية لإظهار الجسم السماوي الكبير الموجود في المقدمة بجودة عالية.
ولذلك فإن إعدادات التعريض عندما تكون قصيرة لن تُظهر النجوم الموجودة في الخلفية جنباً إلى جنب مع الجسم المشرق في مقدمة الصورة، هذا لان النجوم بعيدة جداً، وبالتالي فإنها تظهر قاتمة جداً بالمقارنة مع الأجسام الفضائية الكبيرة والساطعة في المقدمة.
ولذلك، لديك خيارين أساسيين:-
- يمكنك استخدام إعداد التعريض القصير والتقاط صور عالية الجودة لأجسام فضائية كبيرة، ومشرقة، ولكن لن تظهر في الصورة أي نجوم.
- يمكنك استخدام اعداد التعريض الطويل والتقاط النجوم بإضاءة خفيفة في الخلفية، ولكن الجسم الساطع في المقدمة سيزداد سطوعاً ولن يظهر بصورة واضحة.
ويمكن رؤية مثال جيد جداً على الحالة الثانية في المقطع التالي. وهو جزء من فيديو من داخل محطة الفضاء الدولية، حيث يمكنك أن ترى فعلاً النجوم في الخلفية.
https://www.youtube.com/watch?v=EsObH07hasM&feature=youtu.be
هل لاحظت كيف أن الوهج الأبيض المنبعث من الشمس “أو بشكل أكثر دقة، الكاميرا” ينزع الصورة بأكملها عندما تتحرك محطة الفضاء في ضوء الشمس؟ وذلك لأن الشمس أصبحت عرضة للضوء عندما استخدمت الكاميرا إعداد التعريض الطويل.
قد يفكر بعضكم في أنه شاهد عدداً لا يحصى من صور الأرض أو القمر حيث تظهر النجوم بوضوح في الخلفية (مثل الصورة أدناه)
في الحقيقة، هذه الصورة مُعدلة أو “مُفبركة” حيث يتم لصق النجوم الساطعة علي خلفية سوداء في محاولة لتعزيز الجاذبية الجمالية للصور. غير أن الصور “الحقيقية” التي أُلتقطت فعلاً في الفضاء، من المستبعد جداً ظهور جسم سماوي كبير مشرق في المقدمة ونجوم مشرقة في الخلفية.